Saturday

بعض مقالاتي حرّفت في الصحافة اللبنانية

ايزابيل ديليربا " الوصول الى الموضوعية الحقيقية و الحرية المطلقة صعب جدّا"



لطالما كان لبنان رائدا في مجال حرّية الصحافة و الاعلام فكان يحتلّ المراتب الاولى في مرصد حرية الرأي و التعبير، و الذي تعدّه منظمات غربية تعنى بشؤون الصحافة و الصحافيين في منطقة الشرق الاوسط. أمّا اليوم و بعد اعلان الشبكة الدولية لتبادل المعلومات حول حرّية الرأي و التعبير"ايفيكس" عن تراجع مرتبة
لبنان في مرصد حرية الصحافة، يطرح العديد من التساؤلات عن سبب هذا التراجع و عن النظرة الجديدة للصحافة اللبنانية. و لعلّ رأي صحافيين اجانب عاشوا و شهدوا تجارب ميدانية في العمل الصحافي في لبنان، سيساهم في فهم مكامن الضعف و القوّة في الصحافة اللبنانية. فكان هذا اللقاء مع الصحافية الفرنسية في صحيفة الـليبيراسيون و المطّلعة على تفاصيل و تعقيدات الصحافة اللبنانية " ايزابيل ديليربا".


كصحافية غربية مطّلعة على الصحافة اللبنانية كيف تقيّمين حرفية الصحافة اللبنانية في التعامل مع الاحداث و تغطيتها؟

أولا أظن أن الإعلام اللبناني و تحديدا المرئي هو إعلام نشيط و تفاعلي جدا, فالصحافيون يصلون بسرعة كبيرة إلى مواقع الحدث و يستطيعون أن يؤمنوا دقائق طويلة و أحيانا ساعات من النقل المباشر.
في المقابل, إذا كان علي أن أحدد نقطة ضعف لدى الإعلام اللبناني , فسأقول بديهيا أنها التسييس المفرط نتيجة كون الإعلام في يد الأحزاب و العائلات السياسية. و عليه فإن تغطيته للأحداث ليست حيادية. كذالك الأمر بالنسبة للصحافيين اللبنانيين, فهم مرتبطون بهذا الحزب أو ذاك , أو بطائفة ما , و هو ما يفقدهم حياديتهم المفروضة على أرض الحدث.


قياسا بالدول الغربية الرائدة بالصحافة، ما هي الفروقات الاساسية التي ترينها بين الصحافة الغربية و الصحافة اللبنانية بشكل عام ؟

الصحافة الغربية تعطي مساحة أكبر للمقالات الواقعية و التحقيقات, أما الصحافة اللبنانية تفضل في معظم الاحيان الإفتتاحيات و التحليلات وصفحات الرأي. كما أن الإعلام اللبناني , مرة أخرى , أكثر تسييسا و تأثرا بالسياسة من الإعلام الغربي.


هل الاعلامييون الغربيون بشكل عام لديهم اطلاع كاف على تعقيدات الوضع اللبناني و عن واقع بعض المؤسسات الاعلامية و اللبنانية المذهبي و الفئوي ؟

أظن أن الصحافيين المقيمين في لبنان بدأوا يتعلمون و يتأقلمون مع طبيعة عمل الإعلام اللبناني. بالنسبة للصحافيين الآخرين , إنها أكثر غموضا .

هل النظرة العامة في الصحافة الغربية الى الاعلام اللبناني هي انه اعلام محترف و موضوعي اجمالا، ام انّ النظرة اليه بانّه اعلام موجّه ينقصه الكثير لكي يصبح اعلاما حرّا طليعيا بكل ما للكلمة من معنى ؟

من الصعب الإجابة على ذلك. يوجد في لبنان صحافيون لامعون جدا و وسائل إعلام جيدة كذلك, و رغم كونها متأثرة تماما بالسياسات الداخية و قادرة على تحويل بثها إلى ماكينات"بروباغندا" لنشر الاشاعات، لكنها تستطيع في الوقت نفسه برمجة وإخراج ريبورتاجات و تقارير جيدة جدا. و بات من المعلوم أن وسائل الإعلام هنا هي دوما في نفس الوقت وسائل بروباغندا في يد العائلات السياسية. و عليه فإن الوصول إلى الموضوعية الحقيقية أو الحرية المطلقة يبدو لي صعب جدا.

هل تعتمد مصداقية المصادر الاعلامية اللبنانية الخاصة الغير صادرة عن الوكالات الرسمية كمصادر موثوقة بنفس نسبة مصداقية الوكالات العالمية مثل رويترز و فرانس برس و الاسوشييتد برس ؟

بالنسبة لي ليست كذلك , و هذا نتيجة تجاربي الشخصية . بعض مقالاتي حرّفت من قبل بعض الوسائل الإعلامية اللبنانية. و بعض الصحافيين الأجانب شهدوا تجارب مماثلة. من هنا , قبل أن أستخدم اي خبراو معلومة اقرأها او اسمعها في وسيلة إعلام لبنانية ،أي كانت،أتأكد من صحتها بشكل آلي.

ما هي مكامن الضعف ومكامن القوة في الصحافة اللبنانية عموما وبماذا تتميّز الصحافة اللبنانية في نظرة الغرب الى الصحافة العربية خاصة و الصحافة في دول العالم الثالث بشكل عام ؟

الصحافة اللبنانية تتميز بتنوعها, و خصوصا كون لبنان هو أحد البلاد الوحيدة في المنطقة العربية حيث توجد فعليا حرية للصحافة. عندما وصلت إلى هذا البلد, تفاجأت كثيرا من النبرة الحرة لبعض الصحافيين.
فيما يخض نقاط الضعف, سأقول أنه من المؤسف رؤية الإعلام يرزخ تحت ضغط السياسة بهذا الشكل. و هو ما يؤدي إلى أخطاء عديدة, مثل نشر الإشاعات بدل إنجاز تحقيقات حقيقية.
اخيرا، ما هو رأيك الشخصي و الكلمة التي توّدين ان تقولينها عن الاعلام اللبناني كتجربة شخصية لك او لاصدقائك الصحافيين المقرّبين و المطّلعة على وجهة نظرهم؟

أظن أن الكثير من الشباب اللبناني قادر أن يتحول إلى صحافيين ممتازين. و من المؤسف إنه بشكل عام هنا , يتم تدريس الصحافة مع علم الإتصال الجماهيري ، و هما مجالان مختلفان كليا.
كما انّه من المحزن أن لا خيار أمام الصحافيين بعد ذلك إلا الدخول و الإندماج في الأطر و الهيكليات الحزبية. و لكنني أظن أن للصحافيين مستقبل حقيقي في لبنان, و أنهم يستطيعون تطوير الوسائل التي تمنحهم المزيد من الإستقلالية، و أشير تحديدا إلى الصحف الإلكترونية و المدونات .


بتول خليل
تمّوز 2008

No comments: