Wednesday




التجاذب السياسي ضيّق هامش الحرية...وأحنّ الى الصحافة المكتوبة


زاهي وهبي: "خليك بالبيت" مزيج من الثقافة و الجماهيرية



دخل برنامج "خليك بالبيت" على شاشة المستقبل عامه الثاني عشر واستطاع خلال هذه السنوات ان يستقطب العديد من الاسماء المهمة في العالم العربي ان كان على الصعيد الفني أو الثقافي أو السياسي او الابداعي.. مقدمه زاهي وهبي صاحب قدرة متميزة في إدارة الحوار وخلق التناقش المستمر وتحقيق النجاح، اضافة الى جعل البرنامج يحتل المرتبة الاولى في قائمة البرامج الثقافية التي تعرض على شاشات العالم العربي


ولد برنامج" خليك بالبيت"، كما يقول زاهي وهبي، في العام 1996 من رحم برنامج سابق هو " الليل المفتوح". وكان الليل المفتوح يعاني من صعوبات تراجع بالبرنامج، عندها كلفته ادارة التلفزيون بالاشراف على البرنامج و اعادة صياغته. هنا وجد وهبي انه من الاجدى تغييره كليا، لانه ما من سبب منطقي لاعادة صياغة برنامج" له ما له وعليه ما عليه بنجاحه وفشله". وطرح فكرة البرنامج الجديد على الادارة وكان " خليك بالبيت".

ويرجع وهبي سبب تغييب البرامج الثقافية عن المحطات التلفزيونية الى ان " ادارة الفضائيات العربية لديها وهم بأنّ المشاهد يريد " طق الحنك" او البرامج التي تحاكي غرائزه سواء اكانت غرائز سياسية ام غرائز من اي نوع آخر مثل الفن الهابط والمبتذل".وهناك سبب آخر حسب رأيه وهو ان " المثقفين انفسهم يتحملون مسؤولية سبب تغييب البرامج الثقافية وذلك بسبب ترفعهم وانافتهم من التلفزيون



لذا فقد كان الهدف الاساسي لبرنامج "خليك بالبيت"، ان لا يكون على طريقة البرامج الثقافية التي تعودنا ان نراها. ويضيف وهبي" اردت ان يكون البرنامج ثقافي متنوع، اي اضافة الى الشعر، والرواية والمسرح، فانني استضفت العديد من السياسين و الصحافيين و رجال الدين و الاسرى،بمعنى ان الثقافة هي ما تكون وعينا كمتلقّين او كافراد او كمشاهدين بكل مناحي الحياة، اضافة الى ذلك فانني اردت للبرنامج ان يكون برنامج عربي للبنان وليس برنامج لبناني يبّث للعالم العربي، واتصوّر ان ذلك ساهم بان يكون " خليك بالبيت" برنامجا ثقافيا و جماهريا في الوقت عينه



وواجه البرنامج بعض العوائق في بدايته مثل "وجود صعوبة باقناع ادارة المحطة باستضافة شخصيات غير متوجهة ولكنها مبدعة، لان المحطة كانت تبحث فقط عن النجوم..اضافة الى الصعوبات التي بات يواجهها البرنامج في السنوات الثلاث الاخيرة". ويضيف وهبي بانّه " منذ ان دخل لبنان بهذا النفق المظلم من الصراع و التجاذب السياسي ضاق هامش الحرية، فواقع البلد لم يعد يسمح بامكانية العمل بحرّية و ارتياح. ورغم ذلك حرصت على تحييد البرنامج عن الصراع السياسي كي يبقى " خليك بالبيت" منبرا توحيديا".

وتأتي استمرارية البرنامج كنتيجة للاهداف التي وضعها وهبي في بداية تأسيسه، فبعد 12 عاما على انطلاقة " خليك بالبيت" يرى وهبي ان احترام عقل ووعي المشاهد هو الاساس، كذلك احترام الضيف و الابتعاد عن اسلوب الاستفزاز في محاورته".

كما يعزو وهبي سبب استمرارية برنامجه الى تجاوب الضيوف مع الحوارات والطاقم المساعد باعداد البرنامح، اضافة الى هامش الحرية الذي منحته اياه ادارة المستقبل". و قد حرص وهبي على ابقاء البرنامج منبرا متنوّعا، اي اختيار الضيوف من الفنانين والشعراء والمناضلين والممثلين والسياسين و في الوقت نفسه يوجد تنوّع بالانتماءات، فقضية الاسرى كانت حاضرة دائما في " خلّيك بالبيت" لان الاسير" بحاجة فعلا لان يبقى بالبال"، كذلك بالنسبة للقضية الفلسطينية مما ساهم ايضا باستمرارية و نجاح البرنامج. ويطمح زاهي وهبي الى المزيد من النجاح و الاستمرارية و يتمنّى" ان يبقى البرنامج منبر للتنوع و التعدد و منبرا للقضايا العربية العادلة".

وبعيدا عن العمل الاعلامي، لم يخفي زاهي وهبي حنينه الى الصحافة المكتوبة ويقول:" ما في اجمل من ريحة الورق، وانا اشبّه الجريدة بالرغيف السخن الطالع من الفرن لان الخبربينعجن و بينطبخ بنفس الطريقة". وعن تأيثر التلفزيون على الشعر و الكتابة عنده فيعبّر وهبي عن ذلك و يقول:" الشعر هو حياتي والورقة البيضاء هي شاشتي الذاتية، اما التلفزيون فهو شاشتي المهنية




بتول خليل
تموز 2008
"لهذه الاسباب ترك " ال بي سي

"سلطان سليمان:" مش قابض حدا بكل هالبلد


الصحافة مرض و ليست مهنة بالنسبة الى المراسل الصحفي سلطان سليمان، الذي انتقل من العمل في الصحافة المكتوبة و التلفزيونية و اشتهر بتغطية الحروب الى العمل مع قوات حفظ السلام. يتحدث عن مسيرته المهنية بلهجة توحي بالثقة و الطمأنينة و الهدوء، ويؤكد ان "الحقيقة" كانت دائما هاجسه الاول

كيف كانت بداية عملك في الصحافة ؟

بدات عملي الصحفي مراسلا لجريدة النداء التابعة للحزب الشيوعي ، غطيّت مؤتمرات عالمية في اوروبا. وبقيت اعمل في الجريدة لمدة 3 سنوات الى ان انتقلت للعمل في تلفزيون المستقبل في العام 1992 كمسؤول عن الاخبار العربية والدولية. وبعد 10 اشهر استلمت ادارة اخبار اذاعة صوت الشعب. وفي عام 1995 عملت مراسلا لوكالة رويترز في لبنان وسوريا. ثم انتقلت في العام 2002 للعمل في المكتب الاخباري لقناة الجزيرة في قطر. ثم عدت الى لبنان و عيّنت مسؤولا عن المراسلين في الحياة- ال بي سي. بعدها عملت مسؤولا عن الشؤون المدنية في قوّات الطوارىء المدنية بعد ان تركت العمل في المؤسسة اللبنانية للارسال في شباط الماضي.

يعرّف عنك البعض بانك " طير يغرّد خارج السرب"، هل لهذا علاقة مباشرة بنجوميتك ؟

لقد اطلق عليّ هذا اللقب خلال تغطيتي حرب تموز 2006 ، وانا لا انفي كوني خارج سياسة المؤسسة التي اعمل فيها، لكنني في عملي اضع آرائي جانبا و اعطي الاولوية للحقيقة.
و طبعا ايصال الحقيقة لا يمنع بان يكون الانسان ملتزما بقضية، و اذا كانت هذه القضية تحرّضك على ان لا تقول الحقيقة، فهي اذا قضية غير عادلة ويجب التخلي عنها. فيما اذا كانت عادلة فمن واجبي كصحافي ان اخبر الحقيقة.. هذه معادلة بسيطة.

ولكن لكل مؤسسة اعلامية توجهها وسياستها…

(مقاطعا) عملت في المؤسسة اللبنانية للارسال ضمن شروط وضعتها مسبقا تتلائم مع مبادئي كصحافي يريد ايصال الحقيقية. كذلك الامر بالنسبةالى قناة الجزيرة حيث كان شرطي الاساسي ان لا اجري اية مقابلة صحفية مع اي اسرائيلي. وفي كل من هذه المؤسسات كانت الحقيقة هاجسي، اضافة الى موقفي من العدو الاسرائيلي، اذ انني كمواطن اعتبر ان ارضي محتلة وعليه فانه لا يكمنني الا ان اعتبر اسرائيل عدوا. و عندما كنت في "الجزيرة" مسؤولاً عن نشرة إخبارية، رفضت بث مقابلة مع الرئيس الإسرائيلي كتساف لأني ضد إسرائيل. وإذا كان بوسعي ألا أعطي رئيسها منبراً إعلامياً يطلّ منه، في وقت تمنع فيه دولته كل المسؤولين الفلسطينيين من الظهور الإعلامي، فلماذا أعطيه هذا الامتياز؟

هل تركت العمل في هذه المؤسسات بقرار شخصي؟

قدّمت استقالتي لمدير "الجزيرة" محمد علي الجسمي وقررت العودة الى بيروت، وكذلك الامر في المؤسسة اللبنانية للارسال.

كيف تقيّم تجربتك في الـمؤسسة اللبنانية للارسال خلال حرب تموز ؟

كانت تجربة مهمة، ولكن في الحقيقة انا لا اغيّر جلدي، انا انتمي الى هذا البلد وكل المواطنين في هذا البلد هم اهلي.. وخلال الحرب حصل نقاش حاد بيني وبين احد المسؤولين في" القوات اللبنانية". اتهمني انني بالغت في وقوفي وتضامني مع المقاومة. وكان جوابي انني اعتبر ان من واجبي كصحافي ان اكون الى جانب الحقيقية، ثم انه من واجبي كانسان ان اكون الى جانب الضعيف. بمعزل عن من قام بالخطوة الاولى و من اطلق الرصاصة الاولى.. هناك واقع لا يمكننا التهرّب منه وهو ان الذين سقطوا شهداء من نساء واطفال وشيوخ هم اهلنا، و الآلة العسكرية التي قتلتهم هي آلة اسرائلية امركية. فكيف يمكن ان اساوي بين الضحية والجلاد ؟!

ما هو السبب المباشر لتركك ال بي سي ؟

في ايلول 2007 اسست مكتبا للLBC في ايران، وعند عوتي الى المؤسسة في لبنان تفاجأت بالتعديلات الحاصلة حيث سحبت منّي بطاقة المسؤول عن المراسلين وطلب منّي الانتظار الى حين حصول حدث كبير كي اغطّيه كمراسل للمؤسسة. والى حين حصول هكذا حدث طلب مني بيار الضاهر ان اقوم بتغطية الاحداث السياسية اليومية. رفضت لسببين ، الاول هو اختلافي مع سياسية المؤسسة، اذ انني ارفض ان يقوموا بتعديل تقاريري الاخبارية بما يتناسب مع سياسية المؤسسة. ثم انني لا اهتم للتصريحات والمواقف والردود الصادرة عن الرؤساء و الوزراء والمسؤولين و انا " منّي قابض حدا بكل هالبلد"، هذا ليس عملا صحافيا بل يسمّى" لتلتة". وقدمت استقالتي بعد ان حصلت على عرض عمل مع "اليونيفل" في الجنوب.

اثرت بلبلة خلال تغطيتك احداث مارمخايل، هل كان هذا ايضا دافعا لتقديم استقالتك ؟

كان همّي الوحيد حينها ان انقل الحقيقة كما هي، وكنت انقل كل ما يحصل على الارض، والذي اثار حفظية المؤسسة هو ما نقلته عن ان هناك اطلاق رصاص كان متوجها من منطقة عين الرمانة باتجاه منطقة الشياح، هم لا يريدونني ان اقول المصدر الحقيقي للرصاص، حينها اتصلوا بي من مكتب القوات اللبنانية مستنكرين ما قلته هلى الهواء.. اذا اعتبروا انني اتهمهم باطلاق الرصاص على منطقة الشياح. والحقيقة انني كنت انقل ما ارى واسمع من على الارض امامي. و ربما كانت هذه الحادثة هي " القشّة التي قسمت ظهر البعير" وتركت المؤسسة نهائيا.

ما هي طبيعة عملك مع قوات الطوارىء الدولية ؟
"انا المسؤول في الشؤون المدنية في القطاع الشرقي في" اليونيفل


كيف تصف الانتقال من تغطية الحروب الى العمل مع قوات حفظ السلام ؟
خلال عملي في تغطية الحروب كنت من جماعة السلام، السلام العادل و الشامل و ليس السلام القائم على الظلم و لا
يزال هذا موقعي الى اليوم..

هل ستعود الى ال" ال بي سي " يوما ما ؟
" ايه بشروطي برجع ".. انا اعشق العمل في الصحافة، و في اعتقادي ان الصحافة هي مرض و ليست مهنة وهذا المرض لا يمكن الشفاء منه وانا سعيدا جدا لانني خلال مسيرتي المهنية كنت من المؤرخين لاهم حدثين في العالم العربي، احدهما سقوط بغداد و الاخر هو صمود جنوب لبنان في حرب تموز..حيث قمت بتغطية هاتين الحربين و كنت حينها العلامة الفارقة من بين كل من قام بالعمل نفسه

بتول خليل

تموز 2008

تلفزيون لبنان: صورة عن الدولة.. الاضعف بين الاقوياء


لطالما كان تلفزيون لبنان هو التلفزيون الرائد، ليس في لبنان فحسب بل في المنطقة العربية والشرق الاوسط. وكان السبّاق في نقل المعلومة والحدث، ناهيك عن الانتاج الفنّي والادبي و البرامج الحوارية المتميّزة. فما هي الاسباب الموضوعية والحقيقية لتراجع تلفزيون لبنان عن اداء هذا الدور منذ اواخر الثمانينات و من هو المسؤول عن هذا التراجع؟ و ما هي الرسالة الاوّلية و المبدأية لتلفزيون يحمل اسم الوطن أولا ومؤسسة وطنية غير فئوية او مذهبية ثانيا ضمن امكاناته الحالية؟ وما هي فرصه اليوم في استقطاب النخب او المشاهدين العاديين من جميع الفئات و جذبهم الى شاشته ؟


"جان كلود بولس" التلفزيون.. رحلة الى الجحيم

يتحدّث الاستاذ جان كلود بولس الذي ترأس مجلس ادارة تلفزيون لبنان بين عامي 1996 و1999
عن كتابه الصادر عن دار"النهار" تحت عنوان "التلفزيون.. رحلة إلى الجحيم". والذي يوثق كل مشكلات التلفزيون المزمنة والطروحات التي وُضعت لحلها، واصفاً بدقة ردود فعل كل واحد من الطبقة الحاكمة حينها تجاه دور تلفزيون لبنان ومهمته، لا بل الجدوى من وجوده أساساً
ففي عام 1996،يقول بولس،" كان عدد موظفي التلفزيون 490 موظفاً، 12 منهم كانوا يواظبون على الحضور، فيما عثر الباقون على وظائف أخرى، واستمروا بقبض رواتبهم البالغة الانتفاخ
ولقد ارتبط هؤلاء بالتلفزيون بموجب عقود عمل أملتها ظروف الحرب عام 1989، وحصلوا على تقديمات مرتفعة، كبّدت المؤسسة المترهلة 12 مليون دولار سنوياً، كرواتب وبدلات ضمان وتقديمات أخرى (تعويضات صرف مضاعفة ثلاث مرات، علاوات الشهرين الثالث عشر والرابع عشر، علاوة تلقائية مطلع كل عام...) لا ينال بعضها موظفو التلفزيونات الخاصة"

ويشرح بولس: "في النصوص ستجدون وجهاً آخر من الحياة في بلادنا. إنها صفحة تاريخ صغيرة من صفحات تاريخ لبنان". ويضيف: "ستفهمون لماذا ظننت حين استدعاني الرئيس الهراوي لتولي منصب رئيس مجلس إدارة التلفزيون العام أنني أسير باتجاه الجنة لكنني انتهيت لسوء الحظ بالتوجه نحو الجحيم".
ويتحدّث بولس عن "خلافات الرؤساء الثلاثة، الذين شكلوا ما عُرف بـ «الترويكا» آنذاك، وهم في تلك الفترة، الهراوي ورئيس مجلس النواب نبيه بري والحريري، فكانت تمزق نشرة الأخبار والبرامج السياسية في "تلفزيون لبنان". وكان للثلاثة مديرون محسوبون عليهم في المحطة، يأتمر كل منهم بأمر مرجعه السياسي أكثر مما يصغي إلى رئيس مجلس الإدارة. ولأن وزارة الإعلام كانت ولا تزال الوصية على المحطة، كان من تناوبوا عليها من وزراء لا يقلون تدخلاً عن أركان الـ "ترويكا".أما الذي أجهز كلياً على تلفزيون لبنان فهي السياسة التي اتبعتها الدولة في انتخابات عام 2000 وطبقها تلفزيون الدولة بحذافيرها،فعندما شنّت المحطّة حملة شرسة على الرئيس الراحل رفيق الحريري، كنت قد خرجت من المحطّة. وكانت الحملة أبرز الأسباب التي دفعت بالرئيس الحريري إلى إقفال المحطة وتصفيتها خلال السنة الأولى لعودته إلى رئاسة الوزراء".

وعلى رغم ان "تلفزيون لبنان" أُعيد تأسيسه في 25 أيارمن العام ذاته احتفاء بالذكرى الأولى للانسحاب الإسرائيلي من لبنان، ليعود إلى بث يكاد يقتصر على أرشيفه وعلى نشرة إخبارية متوازنة لكنها غير ذات الون أو طعم أو رائحة، "للأسف"، يختتم بولس: "دلت دراسات المشاهدة الى ان تلفزيون لبنان لم يستطع النهوض أبداً بعد إقفاله في 28 شباط 2001 ".


"جلال عسّاف:" العامل المادّي هو العائق الاساسي

الأستاذ جلال عسّاف رئيس التحرير ورئيس قسم الشؤون العربية والدولية في تلفزيون لبنان، يتحدّث عن تراجع دور تلفزيون لبنان و يقول "بعد عشر سنوات من اندلاع الحرب، نبتت محطات تلفزيونية على ضفاف تلفزيون لبنان، وكان حق البث حصرياًّ للتلفزيون لغاية عام 2012 وشهدت البلاد جدلا واسعًا حول منح الترخيص للمؤسسات التلفزيونية الخاصة. ثمّ ظهرت أوّل مؤسسة تلفزيونية خاصة في صيف العام 1985. والبعض يتحدّث عن أن بعض الآلات التقنية سُحبت أو سُرقت من تلفزيون لبنان وتمّ استعمالها في تلفزيون خاص آخر".

ويعزو عسّاف أسباب تراجع تلفزيون لبنان إلى عدّة عوامل ويقول "السبب الأوّل هو الجو المذهبي والطائفي الذي ساد في فترة الحرب اللبنانية، إضافةً إلى الإنقسام السياسي الذي شهدته البلاد. والمشكلة الأخرى هي المحاصصة السياسية، أي نفترض أننا بحاجةٍ إلى مُخرجٍ أو مصوّر، فيجب أن يكون "ستّة وستّة مكرر" بغضّ النظر عن كفاءة الشخص، ولكن بالإجمال فإنّ العاملين في تلفزيون لبنان هم من الكفاءات العالية. ويضيف أنّ "العنصر الإداري كان له تاثيرٌ كبيرٌ في تراجع دور التلفزيون. إذ إنّه كان جيّدًا جدًا في بعض الأحيان وسيّئًا في أحيان أخرى، وهذا يعود إلى تدخّل المحصصات في التوظيف". وكان لنزوح الكفاءات سببًا آخر في هذا التراجع، فمثلا كان لدينا نخبةٌ من أبرز المخرجين الذين تركوا العمل في تلفزيون لبنان وتوجهوا للعمل في مؤسسات تلفزيونية خاصة وحققوا نجاحًا باهرًا هناك".

ويؤكّد عسّاف أن "قانون الإعلام المرئي والمسموع أعطى تلفزيون لبنان، ولغاية العام 2012، حق الحصول على جزءٍ من أرباح إعلانات المؤسسات التلفزيونية الخاصة. لكن قرشًا واحدًا لم يدخل إلى موازنة التلفزيون منذ صدور هذا القانون. ويعود ذلك إلى أنّ المؤسسات التلفزيونية الخاصة تابعةٌ لشخصياتٍ سياسيةٍ أو أحزابٍ أو فئاتٍ معيّنة، بينما تلفزيون لبنان هو تلفزيون كل المواطنين، فيحصل على موازنته من الدولة. وللعلم فإنّ إحدى المحطّات التلفزيونية الخاصة لديها حد أقصى لصرف الأموال يصل إلى مليونين أو أربعة ملايين دولار، بينما تلفزيون لبنان بأقصى فتراته كان يحصل على 500,000 دولار من موازنة الدولة".

ويشير عسّاف إلى أنّه بعد إقفال التلفزيون وإعادة فتحه من جديد، كان هناك قرارٌ سياسي بعدم انطلاقه مثل ما ينطلق أي تلفزيون. فكان كل برنامجٍ يحتاج إلى قرار سياسي، إضافةً إلى قرارٍ سياسي بكيفية صرف الإموال التي تدفع إلى موازنة التلفزيون. وذلك كي يستمرّ التلفزيون بالبث وكي يقال أن الدولة اللبنانية تملك مؤسسة تلفزيونية ناطقةً باسمها. ولا مشكلة في أن يبقى تلفزيون لبنان رسميًا وناطقًا باسم كل الناس والشرائح، ولكن فليدخل عليه عنصر التخصيص بنسبة 30 أو 40 % وليكن لديه طاقم إداريٌّ جديدٌ غير مترهّل".

وعن مدى فعالية قسم التحرير لناحية حاجاته بالتواصل الفاعل لمراسلين فاعلين منتشرين في جميع الأراضي اللبنانية وذلك لتزويده بالخبر السريع والسبق الصحفي، يجيب عسّاف بأنّ "الجانب المادي يشمل كل الأمور، فإذا أردنا أن نجدد النظام الذي نعمل به في قسم الأخبار، فهذا يحتاج إلى ميزانية أكبر. كذلك وجود مراسلين منتشرين على كافة الأراضي اللبنانية أو خارجها، يحتاج أيضًا إلى موازنةٍ أكبر. إذًا فالمشكلة ماديّةٌ بالدرجة الأولى وتقنيةٌ بالدرجة الثانية، فالعنصر البشري يحتاج إلى المادة والأموال لاستحضاره، فإذا توفرت، عندها يمكننا أن نعتمد المراسل أينما كان".

وفي ما خصّ القواعد التي يلتزم قسم التحرير في مراعاتها في ظل الجو الطائفي والشحن الذي تمارسه بعض المؤسسات التلفزيونية الأخرى، يؤكّد عسّاف أنّه "لا يوجد أي إملاءٍ خارجي يمارس على المؤسسة". ويقول: "نحن نعرف السقف الوطني والسقف المهني في نقل الأخبار وتغطية الأحداث، ونراعي السقفين دون أن ننتقص من الحقيقة. والعاملون في الجهاز التحريري ينتمون إلى مختلف الطوائف والأحزاب. فجهازنا التحريري هو مرآة عن لبنان، لكن هنا لا يحصل أي صدامٍ أو إشكالٍ بيننا".
ويختم عسّاف بتوجيه دعوة إلى المؤسسات التلفزيونية الخاصة، بتطبيق قانون الإعلام المرئي و المسموع حتّى نحصل على حقوقنا الماديّة. ويضيف بأن "لنا حقوقًا على المسؤولين في لبنان بدعم هذا الإتفاق، كما عليهم أن يدعموا تلفزيون لبنان الذي هو رمز للوحدة الوطنية ورمز للوطن اللبناني. وعلى شركات الإعلان أن يخصصوا حيّزًا معيّنًا من حركتهم وخططهم من أجل تلفزيون لبنان، كي تبقى لهذه المؤسسة القدرة على بث التربية الوطنية والمدنية وإفادة الشأن العام".

بتول خليل
تموز- 2008